فصل: مسير ابن حسنويه لحصار بغداد مع أبي جعفر بن هرمز.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن دولة بني حسنويه من الأكراد القائمين بالدعوة العباسية بالدينور والصامغان ومبدأ أمورهم وتصاريف أحوالهم.

كان حسنويه بن الحسين الكردي من طائفة الأكراد يعرفون بالريزنكاس وعشيرة منهم يسمون الدويلتية وكان مالكا قلعة سرياج وأميرا على البررفكان وورث الملك عن خاليه ونداد وغانم ابني أحمد بن علي وكان صنفهما من الأكراد يسمون العبابية وغلبا على أطراف الدينور وهمذان ونهاوند والصامغان وبعض نواحي أذربيجان إلى حدود شهرزور فملكاها نحوا من خمسين سنة ولكل واحد منهما ألوف من العساكر وتوفي ونداد بن أحمد سنة تسع وأربعين وثلثمائة وقام مقامه ابنه أبو الغنائم عبد الوهاب إلى أن أسره الشاذنجان من طوائف الأكراد وسلموه إلى حسنويه فأخذ قلاعه وأملاكه.
وتوفي غانم سنة خمسين وثلثمائة فقام ابنه أبو سالم دسيم مكانه بقلعة فتنان إلى أن أزاله أبو الفتح بن العميد واستصفى قلاعه المسماة بستان وغانم أفاق وغيرهما وكان حسنويه حسن السيرة ضابطا لأمره وبنى قلعة سرماج بالصخور المهندسة وبنى بالدينور جامعا كذلك وكان كثير الصدقة للحرمين ولما ملك بنو بويه البلاد واختص ركن الدولة بالري وما يليه كان شيعة ومددا على عدوه فكان يرعى ذلك ويغضي عن أموره إلى أن وقعت بين ابن مسافر من قواد الديلم وكبارهم وقعة هزمه فيها حسنويه وتحصن بمكان فحاصره فيه وأضرمه عليه نارا فكاد يهلك ثم استأمن له فغدر به وامتعض لذلك ركن الدولة وأدركته نغرة العصبية وبعث وزيره أبا الفضل بن العميد في العساكر سنة تسع وخمسين وثلثمائة فنزل همذان وضيق على حسنويه ثم مات أبو الفضل فصالحه ابنه أبو الفتح على مال ورجع عنه.

.وفاة حسنويه وولاية ابنه بدر.

ثم توفي حسنوبه سنة تسع وستين وثلثمائة وافترق ولده على عضد الدولة لقتال أخيه محمد وفخر الدولة وكانوا جماعة أبو العلاء وعبد الرزاق وأبو النجم بدر وعاصم وأبو عدنان وبختيار وعبد الملك وكان بختيار بقلعة سرماج ومعه الأموال والذخائر فكاتب عضد الدولة ورغب في طاعته ثم رغب عنه فسير إليه عضد الدولة جيشا وملك قلعته وغيرها من قلاعهم ولما سار عضد الدولة لقتال أخيه فخر الدولة وملك همذان والري وأضافهما إلى أخيه مؤيد الدولة ولحق فخر الدولة بقابوس بن وشمكير عرج عضد الدولة إلى ولاية حسنوبه الكردي فافتتح نهاوند والدينور وسرماج وأخذ ما فيها من ذخائره وكانت جليلة المقدار وملك معها عدة من قلاع حسنويه ووفد عليه أولاد حسنويه فقبض على عبد الرزاق وأبي العلاء وأبي عدنان واصطنع من بينهم أبا النجم بدر بن حسنويه وخلع عليه وولاه على الأكراد وقواه بالرجال فضبط ملك النواحي وكف عادية الأكراد بها واستقام أمره فحسده أخواه وأظهر عاصم وعبد الملك منهم العصيان وجمعا الأكراد المخالفين وبعث عضد الدولة العساكر فأوقعوا بعاصم وهزموه وجاؤا به أسيرا إلى همذان ولم يوقف له بعد ذلك على خبر وذلك سنة سبعين وثلثمائة وقتل جميع أولاد حسنويه وأقر بدرا على عمله.

.حروب بدر بن حسنويه وعساكر مشرف الدولة.

ولما توفي عضد الدولة وملك ابنه صمصام الدولة ثار عليه أخوه مشرف الدولة بفارس ثم ملك بغداد وكان فخر الدولة بن ركن الدولة قد عاد من خراسان إلى مملكة أصفهان والري بعد وفاة أخيه مؤيد الدولة ووقع بينه وبين مشرف الدولة فكان مشرف الدولة يحقد عليه فلما استقر ببغداد وانتزعها من يد صمصام الدولة وكان قائده قراتكين الجهشياري مدلا عليه متحكما في دولته وكان ذلك يثقل على مشرف الدولة جهزه في العساكر لقتال بدر بن حسنويه يروم إحدى الراحتين فسار إلى بدر سنة سبع وسبعين وثلثمائة ولقيه على وادي قرميسين وانهزم بدر حتى توارى ولم يتلقوه ونزلوا في خيامه ثم كر بدر فأعجلهم عن الركوب وفتك فيهم واحتوى على ما معهم ونجا قراتكين في فل إلى جسر النهروان فلحق به المنهزمون ودخل بغداد واستولى بدر على أعمال الجيل وقويت شوكته واستفحل أمره ولم يزل ظاهرا عزيزا وقلد من ديوان الخلافة سنة ثمان وثمانين وثلثمائة أيام السلطان بهاء الدولة ولقب ناصر الدولة وكان كثير الصدقات بالحرمين كثير الطعام للعرب بالحجاز لخفارة الحاج وكف أصحابه من الأكراد عن إفساد السابلة فعظم محله وسار ذكره.

.مسير ابن حسنويه لحصار بغداد مع أبي جعفر بن هرمز.

كان أبو جعفر الحجاج بن هرمز نائبا بالعراق عن بهاء الدولة ثم عزله فدال منه بأبي علي بن أبي جعفر أستاذ هرمز وتلقب عميد الجيوش فأقام أبو جعفر بنواحي الكوفة وقاتل عميد الجيوش فهزمه العميد ثم جرت بينهما حروب سنة ثلاث وثلاثمائة وأقاما على الفتنة والاستنجاد بالعرب من بني عقيل وخفاجة وبني أسد وبهاء الدولة مشتغل بحرب ابن واصل في البصرة واتصل ذلك إلى سنة سبع وتسعين وثلثمائة وكان ابن واصل قد قصد صاحب طريق خراسان وهو قلج ونزل عليه واجتمعا على فتنة عميد الجيوش وتوفي قلج هذه السنة فولى عميد الجيوش مكانه أبا الفتح محمد بن عنان عدو بدر بن حسنويه وفحل الأكراد المسامي لبدر في الشؤون وهو من الشاذنجان من طوائف الأكراد وكانت حلوان له فغضب لذلك بدر ومال إلى أبي جعفر وجمع له الجموع من الأكراد مثل الأمير هندي بن سعدي وأبي عيسى سادي بن محمد وورام بن محمد وغيرهم واجتمع له معهم علي بن مزيد الأسدي وزحفوا جميعا إلى بغداد ونزلوا على فرسخ منها ولحق أبو الفتح بن عنان بعميد الجيوش وأقام معه ببغداد حاميا ومدافعا إلى أن وصل الخبر بهزيمة ابن واصل وظهور بهاء الدولة عليه فأجفلوا عن بغداد وسار أبو جعفر إلى حلوان ومعه أبو عيسى وراسل بهاء الدولة ثم سار ابن حسنويه إلى ولاية رافع بن معن من بني عقيل يجتمع مع بني المسيب في المقلد وعاث فيها لأنه كان آوى أبا الفتح بن عنان حين أخرجه بدر من حلوان وقرميسين واستولى عليها فأرسل بدر جيشا إلى أعمال رافع بالجناب ونهبوها وأحرقوها وسار أبو الفتح بن عنان إلى عميد الجيوش ببغداد فوعده النصر حتى إذا فرغ بهاء الدولة من شأن ابن واصل وقتله أمر عميد الجيوش بالمسير إلى بدر بن حسنويه لإعانته على بغداد وإمداده ابن واصل فسار لذلك ونزل جنديسابور وبعث إليه بدر في الصلح على أن يعطيه ما أنفق على العساكر فحمل إليه ورجع عنه.